سورة الأنبياء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


قوله تعالى: {مِنْ رسولٍ إِلا نوحِى} قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: {إِلا نوحي} بالنون؛ والباقون بالياء.
قوله تعالى: {وقالوا اتَّخَذ الرحمن ولداً} في القائلين لهذا قولان:
أحدهما: أنهم مشركو قريش، قاله ابن عباس. وقال ابن إِسحاق: القائل لهذا النضر بن الحارث.
والثاني: أنهم اليهود، قالوا: إِن الله صاهر الجن فكانت منهم الملائكة، قاله قتادة. فعلى القولين، المراد بالولد: الملائكة، وكذلك المراد بقوله: {بل عباد مُكْرَمون}، والمعنى: بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم، {لا يسبقونه بالقول}، أي: لا يتكلَّمون إِلا بما يأمرهم به. وقال ابن قتيبة: لا يقولون حتى يقول، ثم يقولون عنه، ولا يعملون حتى يأمرهم.
قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم} أي: ما قدَّموا من الأعمال {وما خَلْفَهم} ما هم عاملون، {ولا يشفعون} يوم القيامة، وقيل: لا يستغفرون في الدنيا {إِلا لِمَن ارتضى} أي: لِمَن رضي عنه، {وهم مِنْ خشيته} أي: من خشيتهم منه، فأضيف المصدر إِلى المفعول، {مُشْفِقون} أي: خائفون. وقال الحسن: يرتعدون. {ومَنْ يَقُل منهم} أي: من الملائكة. قال الضحاك في آخرين: هذه خاصة لإِبليس، لم يَدْعُ أحد من الملائكة إِلى عبادة نفسه سواه، قال أبو سليمان الدمشقي: وهذا قول من قال إِنه من الملائكة، فإن إِبليس قال ذلك للملائكة الذين هبطوا معه إِلى الأرض، ومن قال: إِنه ليس من الملائكة، قال: هذا على وجه التهديد، وما قال أحد من الملائكة ذلك.


قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا} أي: أولم يعلموا. وقرأ ابن كثير: {ألم ير الذين كفروا} بغير واو بين الألف واللام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة، {أنَّ السموات والأرض كانتا رَتْقاً ففتقناهما} قال أبو عبيدة: السموات جمع، والأرض واحدة، فخرجت صفة لفظ الجمع على لفظ صفة الواحد والعرب تفعل هذا إِذا أشركوا بين جمع وبين واحد؛ والرَّتْق مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث سواء، ومعنى الرَّتْق: الذي ليس فيه ثقب. قال الزجاج: المعنى: كانتا ذواتَي رَتْق، فجعلهما ذوات فتق، وإِنما لم يقل: رَتْقَيْنِ لأن الرَّتق مصدر.
وللمفسرين في المراد به ثلاثة أقوال.
أحدها: أن السموات كانت رَتْقاً لا تُمْطِر، وكانت الأرض رَتْقاً لا تُنْبِت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات. رواه عبد الله بن دينار عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وعكرمة، ومجاهد في رواية، والضحاك في آخرين.
والثاني: أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين، ففتقهما الله تعالى، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة.
والثالث: أنَّه فَتق من الأرض ست أرضين فصارت سبعاً، ومن السماء ست سموات فصارت سبعاً، رواه السدي عن أشياخه، وابن أبي نجيح عن مجاهد.
قوله تعالى: {وجَعَلْنَا من الماء كلَّ شيء حيٍّ} وقرأ معاذ القارئ، وابن أبي عبلة، وحميد بن قيس: {كلَّ شيء حيًّا} بالنصب.
وفي هذا الماء قولان:
أحدهما: أنه الماء المعروف، والمعنى: جعلنا الماء سبباً لحياة كل حيٍّ، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه النُّطفة، قاله أبو العالية.
قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي} قد فسرناه في [النحل 15].
قوله تعالى: {وجعلنا فيها} أي: في الرواسي {فِجَاجاً}، قال أبو عبيدة: هي المسالك. قال الزجاج: الفِجَاج جمع فَجّ، وهو كل منخَرق بين جبلين، ومعنى {سُبُلاً} طرقاً. قال ابن عباس: جعلنا من الجبال طُرُقاً كي تهتدوا إِلى مقاصدكم في الأسفار. قال المفسرون: وقوله: {سبلاً} تفسير للفِجَاج، وبيان أن تلك الفِجَاج نافذة مسلوكة، فقد يكون الفَجُّ غير نافذ. {وجعلنا السماء سقفاً} أي: هي للأرض كالسقف.
وفي معنى {محفوظاً} قولان:
أحدهما: بالنجوم من الشياطين، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: محفوظاً من الوقوع إِلا باذن الله، قاله الزجاج.
قوله تعالى: {وهُمْ} يعني: كفار مكة {عن آياتها} أي: شمسها وقمرها ونجومها، قال الفراء: وقرأ مجاهد: {عن آيتها} فوحَّده، فجعل السماء بما فيها آية؛ وكلٌّ صوابٌ.
قوله تعالى: {كلٌّ} يعني: الطوالع {في فَلَك} قال ابن قتيبة: الفَلَك: مدار النجوم الذي يضمُّها، وسمَّاه فَلَكاً، لاستدارته. ومنه قيل: فَلْكَة المِغْزَل، وقد فَلكَ ثَدْيُ المرأة. قال أبو سليمان: وقيل: إِن الفَلَك كهيئة الساقية من ماء مستديرة دون السماء وتحت الأرض، فالأرض وسطها، والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار يجرون في الفَلَك، وليس الفَلَك يُديرها. ومعنى {يَسْبَحون}: يَجْرُون. قال الفراء: لمَّا كانت السِّباحة من أفعال الآدميين، ذُكِرَتْ بالنون، كقوله: {رأيتُهم لي ساجدين} [يوسف: 4]، لأن السجود من أفعال الآدميين.


قوله تعالى: {وما جعلنا لِبَشَرٍ مِنْ قبلك الخُلْدَ} سبب نزولها أن ناساً قالوا: إِن محمداً لا يموت، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. ومعنى الآية: ما خلَّدنا قبلكَ أحداً من بني آدم؛ والخُلْد: البقاء الدائم. {أفإن مِتَّ فَهُمُ الخالدون} يعني: مشركي مكة، لأنهم قالوا: {نتربَّص به ريب المنون} [الطور: 30].
قوله تعالى: {ونبلُوكم بالشرِّ والخير} قال ابن زيد: نختبركم بما تحبُّون لننظر كيف شكركم، وبما تكرهون لننظر كيف صبركم.
قوله تعالى: {وإِلينا يُرْجَعون} قرأ ابن عامر: {تَرجعون} بتاء مفتوحة. وروى ابن عباس عن أبي عمرو: {يُرجعون} بياء مضمومة. وقرأ الباقون بتاء مضمومة.
قوله تعالى: {وإِذا رآكَ الذين كَفَروا} قال ابن عباس: يعني المستهزئين، وقال السدي: نزلت في أبي جهل، مَرَّ به رسول الله، فضحك وقال: هذا نَبيُّ بني عبد مناف. و{إِن} بمعنى ما ومعنى {هُزُواً} مهزوءاً به {أهذا الذي يَذْكُر آلهتكم} أي: يعيب أصنامكم، وفيه إِضمار يقولون، {وهم بِذِكْر الرحمن هم كافرون} وذلك أنهم قالوا: ما نعرف الرحمن، فكفروا بالرحمن.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8